March 02, 2025
19°C Baghdad

طبيعة النضال - صراع التدافع

إن الصراع بيننا وبين من يحكم العراق اليوم ليس صراعاً شخصياً أو طائفياً، ولا هو صراعٌ تدميريٌ أو انتقاميٌ. نحن لا نهدف إلى إقصاء أي طرف لصالح آخر، ولا إلى تفضيل فصيل أو فرقة أو مجموعة على حساب أخرى. بل هو (تدافعٌ حضاريٌ)، ندفع من خلاله السلطات الحاكمة نحو التحرير والتغيير.

هذا التدافع يهدف إلى تحرير العراقي من كل القيود التي تكبله، والسعي نحو بناء مجتمعٍ متحضرٍ يقوم على أساس الأمر بالعدل، والحق، والمساواة، وسيادة القانون. نحن نسعى إلى أن نكون شركاء في الخير، شركاء في بناء العراق، وشركاء في الوطن والدين والمبادئ السامية.

لقد تعاهدنا على نتبنى شعار رفض كل أشكال التمييز العنصري، والتبعية، والتفرقة، وجعلنا هذا العهد أمانة في أعناقنا وواجبٌ مقدسٌ نسعى لتحقيقه من أجل مستقبل أفضل للعراق وشعبه وخاصة ذلك المواطن المسكين.

التجمع الوطني للتحرير والتغيير لا يسعى إلى نصرٍ يهزم به القيادة الحالية، ولا إلى اقتلاع شوكتهم أو الانتقام من أهلهم أو أتباعهم. بل سنعمل جاهدين لإيجاد صيغةٍ نستوعب من خلالها جميع الأطراف والأحزاب الأخرى برفقٍ وحكمة، في إطار مبادئ سامية تفتح صفحة جديدة وتسطر أسمى آيات التحضر ليس على صعيد تأريخ العراق فحسب، بل ستكون نموذجاً يُحتذى به للعالم أجمع. نحن نريد أن نكون قدوةً مرة أخرى، كما كان العراق يوماً (مهداً للحضارات) ومصدراً للتقدم والإشعاع الفكري.

لا نريد نصراً همجياً متهوراً ملوثاً، يغضب الله ويزيد معاناة جزء من العراقيين مصداقاً لقوله تعالى: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ.

لم يعد هناك مكان لصراعٍ يهدف إلى اقتلاع الآخر أو تدميره، بل حان الوقت لأن نأخذ بيد بعضنا البعض نحو ما فيه خير العراق ومصلحته. لقد آن الأوان لعهد جديد، عهدٍ ينتصر فيه الفكر على التطرف، والخير على الشر، والتغيير الإيجابي على الجمود.

في هذا العهد الجديد، لن يكون هناك منهزمٌ بالمعنى التقليدي، بل سنعمل جميعاً كفريق واحد من أجل مصلحة الأمة. وسيكون المنهزم الوحيد هو الشر بكل أشكاله، لأنه لن يكون هناك مكان له في عراقنا الجديد.

من موقع القوة، نمد أيدينا بالسلام ونعطي الفرصة للحوار، ليس ضعفاً، بل إيماناً بأن السلام هو الطريق الأقوى لبناء مستقبل أفضل. نحن نحارب من أجل حرية العراقي، من أجل المظلومين، ومن أجل كل من قُتل غدراً، أو أُخفي قسراً، أو زُج به في السجون بغير حق.

نحن لا نساوم على دماء شهدائنا، ولا على ظلم من هم خلف القضبان. نحن لا نساوم على من هُتكت أعراضهم أو جُرح شموخهم. ولكننا في الوقت نفسه، لن نكون حكّاماً وجلاداً. سنطبق القصاص وفقاً للقانون، وسنعفوا عند المقدرة، لأننا نؤمن بأن العدل الحقيقي هو الذي يجمع بين الحق والرحمة.

لقد قالها من هو أعظم منا جميعاً، قائدنا وإمامنا ونبينا: اذهبوا فأنتم الطلقاء.

لن يثنينا شيء عن تحرير العراق، وسنواصل العمل من أجل التغيير نحو غدٍ مشرق، نحو مستقبلٍ واعد.

ولابد من الإشارة هنا إلى حقيقة أن النفس أمارة بالسوء، وأن العدو الحقيقي لنا هو أنفسنا التي تكره من هو مختلف. في تحكمنا بأنفسنا سنبني شخصية المقابل وسنجني ثمار ذلك لاحقاً.

لهذا نحن نقف على مسافة واحدة من جميع الأيديولوجيات ومسميات الأحزاب (سواء البعث أو الشيوعي أو غيرها). ونؤمن أن إضافة الألوان في أي نسيج اجتماعي يعطي بهجة ونكهة جمالية وزينة.

بمعنى آخر، نرسخ مبدأ المؤاخاة بين المختلف من شرائح المجتمع ممن يختلفون في العقيدة (الدين أو المذهب) أو القومية، خاصة هؤلاء الأقلية من العراقيين أو حتى المقيمين. ونبتعد عن كل ما يثير النعرات والتفرقة العنصرية، القبلية منها أو المذهبية، ونهيئ المواطن نفسياً للتخلص من العقد النفسية الداخلية التي تأمر بالكره.